" border="0" alt=""/>
كان والدها هو الرجل الوحيد في عالمها, لم يكن مجتمعها يكثر فيه العنصر الذكري.. فكل ما عرفته عن الرجال هو أباها
منه عرفت عن الرجل انه سند و أمان ، كيان قوي خجول رقيق كالأطفال صلب كالجبال، مثالي لدرجة الإعجاز
دكتاتوري صارم .. وحنون متفهم
هذا أباها كما رأته دوما وهذا هو الرجل كما تعلمت
كانت ترى أن الرجل يستحق الاحترام البالغ ولكن بلا خوف، و الطاعة بإخلاص ولكن بلا انصهار، رأته يستحق التدليل كالأطفال و التبجيل كالعظماء..
.
.
وبكل هذه المشاعر قابلت أول رجل في حياتها... فرأته بمشاعرها و بكل مخزونها
فبجلته كعظيم و دللته كطفل .. إحترمته بلا خوف وأطاعته بلا انصهار.. ولم تخف لحظة من سوء تقدير أو فهم فكيف لا يفهم إن الرجل في مفهومها ذكي راقي
وكم صدمه أن يُعامل هكذا و كم جعله هذا ينتشي .. ولكنه أخذ يتخبط بين التصديق و التشكك
فلم يفهم أهي بريئة ساذجة أم هي لعوب ماهرة
أراد أن يفهم لماذا تترك له زمام الأمور.. ألا حدود عندها أم هي ثقة لابد أن يقدرها
حقا شتته وهو المحترف في أمور النساء .. بل أصبح وجودها يثير غضبه و يجعل ثقته بنفسه تهتز أحيانا، لم يرى نفسه قبلا متشككا ولا محتارا. .فكان يعرف مدخل كل امرأه قابلها.. ولكن هذه الفتاه .. كم تحيره
ومن ناحيتها هي لم تكن تدري شيئا عن ما يحدث في الكواليس
كانت تعيش اليوم مستمتعة بكل ما فيه من إعجاب و إحترام و حنان و تدليل و طاعة والأهم من هذا كله.. الأمان
.
.
وعندما طفت مشاعرهما على السطح حذروها منه.. وأخذت تسمع منهم حديثا عن زير نساء لعوب خطر .. رجلا لم يترك رذيلة إلا و خطى إليها .. وقلبا لا غالي له و لا ثمين
كانت هادئة تماما من داخلها .. تسمعهم و بداخلها تتمنى لو كانوا أكثر علما عن الرجل .. لو كانوا أكثر تعقلا من هذا الذي يقولونه
أزاحت عنها كل ما سمعته
ولم تكف أن تعامله كحنون رقيق .. فكان معها حنون رقيق
عاملته كدكتاتوري متفهم.. فكان معها دكتاتوريا متفهم
عاملته كمثالي.. فكان يشب بكل قوة ليمس المثالية
لأول مرة لم يكذب.. كم هو مندهشا .. بل انه عندما يصر و يكذب كان يخجل و هو يكذب.. وكان يرى نظرة اللوم في عينها دون أن تحرجه بكلمة فيكف
صدق انه هو الرجل الذي تراه.. ورفض أن تراه بصورة أخرى
و لأول مرة لم يسرع في رمي شباكه ، لأول مرة لم يقتحم براءة واضحة، لأول مرة إن قرر يهجر يعود .. وان قرر يقترب يخاف
وأخذتهم أياما سعيده مليئة احترام و طاعة وتدليل و تفهم
هي لم تبحث عن الحب ولم يكن يشغل لها بالا فسعادتها به لا تترك مجالا للتفكير فيما سواها و إن كان الحب ذاته، شعرت في وجوده أنها أنثى و شعر بأنه حقا رجل
.
حتى جاء اليوم الذي نفذ فيه صبره.. وقرر أن يعتزل الزهد و يعود لقواعده فيقدم العرض أمام كل من تشككوا في قدراته
وكما تعود معها أمرها.. وهذه المرة أمرها أن تكون له
و يالها من مفاجأة.. لقد رفضت
كان يعتقد أنها لاتستطيع الرفض فقد تعودها مطيعة، بل و الأكبر.. جرحه أن تعامله يوما بهذا السلوك، فانكسر شيئا داخله
أما هي فقد صدمها طلبه وصدمها أكثر غضبه لرفضها
أين المثالي المتفهم الذكي؟
ولكنها نجحت بسرعة في أن تعذر و تبرر و تعيد الصورة كما كانت وفسّرت ما حدث على أنه مجرد هزة مزعجة على أرض جنتهما و مرت بسلام
أما هو قرر أن يؤجل الوليمة حتى تطيب عن آخرها
.
وعندما فاجأتهما الأيام بكشف ما وراء الكواليس .. وقرر القدر أن يكشف حقيقته البذيئة و طبيعته الوقحة
كانت النتائج غريبة جدا ..لم تكن بحجم الصدمة ولم تكن كما توقعوا جميعاً
لم تُصدم وتهرب و تفقد كل ثقتها و احترامها
بل هو من هرب بعيدا عنهم جميعا عندما رأي الاحترام يهتز في عينيها
وظلت هي بينهم تصلح كل ما لحق بصورته من عيوب.. و رممت تمثال رجلها كما أحبته .. نعم أحبته
فظلت بينهم دوما تحدثهم عن الحنون الراقي العظيم الصارم .. عن الرجل الطفل
آلمها نفورهم منه فهي تعلم كم يتألم وكم يحتاج إحترامهم
ولكنها تعرف كم هو قوي هذا الرجل وتعلم أنه ستجاوز هذا وحده
.
ومرت السنين وجميعهم عاجزون عن التفسير
حاولت خلالها أن تمنعهم عن أن ينفضوا من حوله غضبا لأجلها
ولما يفعلوا إن كانت هي ليست غاضبة؟
فقط أغضبها منطقهم أنهم كانوا على صواب عندما حذروها أنه أول من سيبيعه هي
من قال لهم أنها كانت تعتقد أنه أحبها .. أو أنه سيتمسك بها
ليس الحب هو الذي ربطهما.. إنه الإحترام.. وهو استحق احترامها واستحقت احترامه
معذورون هم.. لعلهم لا يدركون أن الاحترام أعمق و أبقى من الحب
الغريب أنه بعد الحكاية بشهورسمع الجميع أنه تزوج أول إمرأه قابلها بعد كل ما حدث
اعتقدوا و هو معهم أنه بذلك أثبت أنها لا تهمه
ولم يزالوا عاجزون عن تفسير ماذا فيه يجعلها تبجله ولا تنسى ذكراه
ولا هو استطاع تفسير ما سر احترامها له و ما سر رفضها رغم حبها
.
هي فقط من كانت ترى كل ما كانت عليه الأمور
هي فقط من أدركت أنه هرب وتزوج أول من أشعرته أنه مثالي عظيم.. و عاملته كطفل حنون و جهلت عنه كل ما يخزيه.. وكم كانت ممتنة أنه اختار أن يعيش كما علّمته هي دون أن تقصد أو ربما كما تمنى أن يعيش من كل قلبه
كانت ممتنة أنها نجحت في فهم كل الأحداث، رغم جهلها التام بكل ما كان وراء الكواليس