وقف المهندس بين أقرانه في الشرقية، يرقص ويغني، لم يتوقف عن الضحك ولم تفارقه البسمة طوال الليل، فالمناسبة هي أجمل ما يتمناه أب، إنها ليلة حفل خطوبة ابنته، لكن بعد ٢٤ ساعة تبدل المشهد، حيث توجه بصحبة شقيقه إلي جنوب سيناء ليشاهد الشالية الجديد.
وعند صعودهم الطابق الثالث سقط بهم السلم، ولفظ أنفاسه تحت الأنقاض، بينما أصيب شقيقه بكسور في القدم والعمود الفقري، خيم الحزن علي الجميع وارتفعت أصوات العويل والصرخات، تم تحرير محضر بالتفاصيل في رأس سدر وآخر في مدينة نصر، ضد الشركة التي تحاول تغيير معالم الحادث، وتولت النيابة التحقيق.
وسط انغام الموسيقي الشعبية وضحكات الأهل فوجئ المهندس حسني جودة حسن «٦٠ عاماً» بشقيقه المهندس حسن يبلغه أنه في طريقه إلي الشاليه الجديد في رأس سدر غداً وطالبه أن يجهز نفسه ليكون في صحبته، حتي يشاهد الدور الذي سيشتريه من الشركة، فأخبره أنه لا يريد أن تنتهي هذه الليلة السعيدة أبداً، لكنه سيسافر وابنه وعروسه ليعودوا فورا حتي يحتفلوا بابنته وهي «تلبس الشبكة».
صباح اليوم التالي: انطلق الجميع إلي رأس سدر تسبقهم الأماني بقضاء صيف سعيد وإتمام صفقة شراء الشاليه، بعد رحلة السفر وصل الجميع إلي القرية الساحلية ونظر حسام، ابن المهندس حسني إلي زوجته وأشار إلي السندات التي تستخدمها الشركة مع التصدعات التي تظهر في شاليهات عديدة، واخبرها أنه يشعر بانقباض في صدره، وبمجرد أن وصلوا إلي هدفهم، اندفع الأب يتبعه شقيقه وباقي الأسرة إلي السلم ليعاين الطابق الثالث والروف.
وكأنه مشهد من أفلام الرعب، انهار السلم في لحظات وانطلق الصراخ والعويل، وتم أبلاغ النجدة، واسفر الحادث عن مصرع المهندس حسني وإصابة ابنه «حسام» بكسر في القدم، وزوجته بكدمة، بينما أصيب المهندس حسن بكسور في القدم والعمود الفقري ويرقد الآن في مستشفي المقاولون العرب، وتحرر محضر بالواقعة ضد الشركة في رأس سدر وآخر في مدينة نصر، طالب فيهما الضحايا إثبات الحالة واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتسببين في الحادث بإهمالهم، وكذلك لجنة هندسية محايدة لفحص الشاليه المنكوب.
ووسط الأحزان والدموع وجنازة المرحوم، ظهرت فرحة مكتومة لم تستطع صاحبتها إظهارها، حيث أخبر الأطباء زوجة ابن المتوفي أثناء توابع الكشف عليها أنها حامل في طفها الأول وجنينها بخير لم يصبه سوء.